العدل والإنصاف عند الحيوان

 

العدل والإنصاف عند الحيوان

بدأت أبحاث الذكاء والمشاعر عند الحيوان تحتل مكانة في أجندة عدد من الاختصاصات العلمية، كعلم الأحياء التطوري وعلم سلوك الحيوان الإدراكي، و علم النفس وعلم الإنسان، وهذه في مجموعها تؤكد أن «جوهر العدالة في عالم الحيوان هو مجموعة السلوكيات الأخلاقية» التي تنقسم إلى ثلاث مجموعات: مجموعة التعاون (بما في ذلك الإيثار والمشاركة، والصدق، والثقة). ومجموعة التقمص الوجداني (التعاطف، والشفقة، والأسى، والمواساة). ومجموعة العدالة (وتضم التشارك، والإنصاف، والتنافس الشريف، والغفران). وفي مقال اليوم سنتطرق إلى الحديث عن العدالة والإنصاف عند الحيوان.

نعم، إن للحيوان منظومة من السلوكيات الأخلاقية مثلما رأينا من قبل في المقالات السابقة. فمعظم البشر لديهم نظرة مشوهة عن السلوكيات الأخلاقية للحيوان، لكن الواقع ليس كذلك، ونجد الدليل في كتاب «العدالة في عالم الحيوان – الحياة الأخلاقية للحيوانات» لعالم الحيوان مارك بيكوف وأستاذة الفلسفة جيسيكا بيرس، والذي لا تتوقف صفحاته الثلاثمائة عن ذكر المشاهد الميدانية والبحثية التي تؤكد أن لدى الحيوانات منظومة أخلاقية، ومثال عن ذلك: السعدان المقلنس أي قرد الكابوشي، وهو نوع يتسم بدرجة عالية من الميل الاجتماعي والتعاون ويشيع في أوساطه تقاسم الطعام، فتقوم إناثه بمراقبة تطبيق العدالة والمعاملة المنصفة بين الجميع.

وأورد كتاب بعنوان "الذكاء العاطفي للحيوانات"، لعالِم الرياضيات الإسباني وعالم الأنثروبولوجيا بابلو هيريروس، بعضاً من المشاعر المشتركة بينهما، وفق ما نشر موقع "بي بي سي".

وذكر الكتاب أن الحيوانات تستطيع الشعور بالإنصاف، ففي دراسة أجريت بمركز "يركس بريمات" بأتلانتا، رفضت الثدييات التعاون بعد أن شعرت بمعاملة لم تتسم بالعدل.

 

في الواقع، إن الشعور بالإنصاف مهم للبشر حتى يتمكنوا من مساعدة بعضهم البعض. ويعتمد التعاون البشري على الإيثار المتبادل، فنحن نساعد الناس لأنهم إما ساعدونا في الماضي أو قد يساعدوننا في المستقبل.

هذا الشكل من التعاون ممكن فقط عندما يكون الأفراد قادرين على تتبع جهود ومكافآت الأفراد الآخرين والشعور بالإنصاف يساعد في ذلك. لكن ماذا عن الحيوانات؟ هل الشعور بالإنصاف فريد من نوعه في تمييز البشر عن الحيوانات؟

 

هناك طريقة لاختبار هذا في الحيوانات باستخدام "مهمة النفور من عدم المساواة":

 

 يتلقى أحد المشاركين في الاختبار مكافأة مقابل إكماله لمهمة ما، بينما يحصل الشريك التجريبي على "جائزة متفجرة" وهو أمر لا يحبه على وجه التحديد. قد تتخيل أن الحيوانات الفردية التي تتمتع بإحساس قوي باللعب النظيف إما أن تتوقف عن المشاركة في التجربة أو ترفض المكافأة.

من أوائل الأنواع التي تم اختبارها من أجل النفور من عدم المساواة كانت قرود الكابوتشي البنية.

وجدت إحدى الدراسات أنه عندما يعمل اثنان من قرود الكبوشي معًا لتحقيق المكافآت، إذا تلقى أحدهما عنبًا والآخر خيارًا (أقل لذة)، بعد ذلك مباشرة، رفض الباقون مواصلة التعاون في التجربة، إلى درجة أن بعضهم ألقى الخيار على البشر.

 

تشير النتائج بين الكابوشي إلى وجود مجتمعات متعاونة للغاية، حيث يكون الاعتماد على شخص آخر أمرًا بالغ الأهمية بشكل خاص. قد يكون هذا هو السبب في أن الكابوشي والبشر سيتجنبون الظلم، للحصول على تعاون طويل الأمد من الأصدقاء.


قائمة المصادر:

العدد 66 من مجلة «الإنساني»، الصادر في خريف/ شتاء 2019.

https://alkhaleejonline.net/ما هي المشاعر المشتركة بين الإنسان والحيوانات؟

https://youtu.be/meiU6TxysCg

https://kids.frontiersin.org/Do Monkeys Care What Is Fair?

 

تصميم: محمد بشار

كتابة: دغموس آية وصال


ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق